ما إن يعبر سوريون/ات الحدود بين بلادهم ولبنان، يدخلون في «مشكلاتنا». يتغير تصنيفهم من بشر، مثلنا، إلى «قنبلة موقوتة» ضدنا. أي أن خطوات قليلة، كما عند عبورهم النهر الكبير في عكار، تنزع عن الهاربين من الموت، خلال الأيام الماضية، الذين قُدروا بالآلاف، إنسانيتهم.
هذا «التدفق» وهذه «الموجة»، كما يوصفون في وسائل الإعلام، لا يعنيان إلا «خطراً» محتوماً، بمجرد تموضعهما في بلادنا.
إنه «الخطر الداهم الجديد»، كما وصفته جريدة النهار في افتتاحيتها (10 آذار 2025).
إنه «الخطر الآتي من الجانب السوري شمالاً في اتجاه قرى عكار، مع موجة النزوح العلوي، الذي يضاف إلى مئات آلاف النازحين منذ سنوات»، كما وصفه الصحافي في جريدة الديار ميشال نصر (11 آذار).
لكن الخطر، في هذا السياق، ليس واحداً.
تسعفنا في مضاعفة هذا الخطر، كما الخوف، رؤيتنا التي لا تخطئ أبداً إلى عموم السوريين/ات كنماذج متماثلة. ها هو محافظ عكار عماد لبكي يشرح، في تصريح لجريدة الأنباء الكويتية (12 آذار)، أن «السواد الأعظم من العائلات [التي لجأت إلى لبنان في الأيام الماضية] مؤيد لنظام الأسد المنهار»، بينما في عكار منذ سنوات «200 ألف نازح في المخيمات من عائلات معادية له وداعمة للرئيس السوري الجديد أحمد الشرع».
وهذا يعني، وفقه، أننا «أمام قنبلة موقوتة استدعت مني التواصل مع الأجهزة الأمنية، لرصد أي تحرك مشبوه لدى النازحين من الطرفين، من شأنه افتعال مشكلة أمنية بينهما تدخل عكار في الجحيم».
الفكرة نفسها تتكرر في تصريح لرئيس بلدية المسعودية علي أحمد العلي لموقع «لبنان 24» (10 آذار). كما في بيان رئيس بلدية القاع بشير مطر (11 آذار)، الذي يشير إلى أنه «مع تواصل الأحداث في سوريا وتدفق أعداد كبيرة من السوريين إلى لبنان، لا سيما من الموالين للنظام السابق أو للسلطة الحالية، تتزايد التحديات الأمنية بشكل غير مسبوق».
والحال أن دخول سوريين/ات إلى بلادنا يرافقه، عادة، شبح الإرهاب. فـ«كثير منهم ينتمون إلى خلايا إرهابية»، بحسب ما قال العميد المتقاعد جورج نادر، في تصريحه إلى «المركزية» (11 آذار). كما «تزداد عمليات التسلل عبر الحدود مع دخول جماعات مسلحة، سواء معارضة أو موالية للنظام، ما يشكل تهديداً إضافياً للأمن الداخلي»، وفق منشور لمنصة «مرفأ» (10 آذار).
وما يساهم في «تفاقم الوضع (…) إمكانية استعانة بعض الأطراف بهم، لإحداث خضات أمنية»، على ما كتبت الصحافية في جريدة الديار صونيا رزق (9 آذار).
«أمام هذا الواقع المأساوي»، يحتار الصحافي في موقع «النشرة» طوني خوري (في مقال عنوانه لا يشي بأي حيرة: «النازحون السوريون… نقمة لبنان قبل الأسد وبعده»، 12 آذار) «على من يبدي أسفه: على النازحين الجدد الذين فروا من بطش وهمجية المنظمات الجديدة التي تولت السيطرة؟ أم على اللبنانيين الذين كتب عليهم أن يعيشوا الأمرين بسبب موقعهم الجغرافي المحصور بين عدو معلن هو إسرائيل، وعدو خفي يستغل الجرائم والقتل في سوريا ليتمسكن في لبنان، ولو على حساب اللبنانيين أنفسهم؟».
لكن لا يفترض بما سبق، على هوله وفظاعته، أن ينسينا أخطاراً أخرى. مثل الخطر الذي «يهدد الاستقرار الديموغرافي والهوية المجتمعية»، بحسب الصحافية في «المركزية» جوانا فرحات (10 آذار). ولا أن ينسينا «العبء» على اقتصادنا و«الضغط» على بنيتنا التحتية، كما ذكر كثر.